مقدمات كتاب تونس والتحديث

يبدأ مؤلف كتاب "تونس والتحديث" دراسته بالتأكيد على النقاط التالية:

1. في تونس وعلى عكس الكثير من البلدان العربية الإسلامية، سبق التحديث الاستعمار. فقد عرفت تونس في الفترة التي هي بين 1831 و1877 عملية تحديث جريئة وطريفة شملت الجوانب العسكرية والإقتصادية والسياسية والقانونية والتعليمية. وكان من أبرز نتائج هذه الحركة قيام أوّل نظام دستوري في بلد عربي إسلامي. وذلك بين 1857 و1864 على يد خير الدين باشا التونسي صاحب كتاب "أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك".

2. رغم أن الحداثة كمفهوم أو كمشروع تبدو في الظاهر اختراع أوروبي، لكن الحقيقة أن كل الحضارات الإنسانية ساهمت بأقدار إلى حين الوصول إلى النهضة الأوروبية بما في ذلك الحضارة العربية الإسلامية. وللأسف كل الحضارات ما عدى الحضارة الغربية توقف عطاؤها وتحولت إلى حضارات مقلدة إما بسبب جمودها الفكري أو استبدادها السياسي.

3. إن أهم مرتكز لأي مشروع حداثي هو الإعلاء من قيمة الإنسان والعقلانية في التفكير والقيم السمحة كالكرامة والعدل والمساواة، والإيمان بثقافة العمل وتحقيق الرفاه.. وكذلك سيادة الديمقراطية والمواطنة وتحقيق المساواة لبن المرأة والرجل.. ومقابل ذلك التخلي عن الأفكار الخرافية كالأساطير والسحر والأوهام. فالحداثة في لبها ليست تقليد لهذه الثقافة أو تلك بل إيمان عميق بكل ما هو قيم إيجابية وإنسانية.
4. هذا الكتاب الذي سألتزم بتقديم ملخصا مركزا له في قادم الأيام يغطي فترة زمنية مهمة من تاريخ تونس. وتدور أهم إشكالات هذه الدراسة حول الجدل والحوار الفكري والسياسي والمشروعات العملية التي واكبتها بين أبرز مؤسسي تونس الحديثة. ويأتي اهتمامي بهذه الدراسة إيمانا مني بأن من يريد أن يكون فاعلا في الحاضر، لابد أن يمتلك مقدما الوعي بالتاريخ.

في الحلقة القادمة: تونس قبل 1831...